|
قال مالك: سمعت ابن هرمز يقول: ينبغي أن يورث العالم جلساءه قول لا أدري حتى يكون ذلك أصلاً في أيديهم يفزعون إليه، فإذا سئل أحدهم عما لا يروي قال لا أدري.
اعلم وفقنا الله وإياك أن عناية الشرع بدرء المفاسد أكثر من عنايته بتحصيل المصالح، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا))، ويجب أن تعلم أن فعل السيئة يجر إلى فعل السيئة، وكذلك فعل الحسنة.
ولا ينبغي للمفتي أن يحكي خلافاً في المسألة لئلا يُشَوِّشَ على المستفتي، فلا يدري بأي القولين يأخذ، ولا أن يذكر دليل ولا موضع النقل من الكتب، فإن في ذلك تضييعا للورق على صاحبه، إلا أن يعلم أن الفتيا سينكرها بعض الفقهاء، ويقع فيها التنازع...
ينبغي للمفتي أن ينظر إلى مقاصد النّاس ومُقتضَى مخاطبتهم فيبني عليها الحكم، ويرتّب عليها الجواب، وكلّ مَن ينظر إلى الرِّوايات فيفتي بها فيما تختلف فيه الأحكام باختلاف المقاصد والعوائد فقد أخطأ.
قال الإمام القرافي -رحمه الله- في كتابه الماتع "الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام" عن الكيفية التي يجيب أن يتعامل بها المفتي مع المستفتي الفضولي والمستفتي صاحب الشبهة:...
قال عالم المدينة الإمام مالك بن أنس الأصبحي (ت179هـ) رحمه الله: لم تكن فتيا الناس أن يقال هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقال: أنا أكره هذا ولم أكن لأصنع هذا، فكان الناس يكتفون بذلك ويرضون به، وكانوا يقولون: إنا لنكره هذا وإن هذا ليتقى، لم يكونوا يقولون هذا حلال وهذا حرام. قال: وهذا الذي يعجبني والسُّنة ببلدنا.
يتحدث العالم الجليل الثعالبي عن الفتوى وما آلت إليه في زمانه من انحطاط كأنه يتحدث عن يومنا ناقلا بعض كلام الباجي، ثم يتبعه بكلامه متأسفا متحسرا عن حال الفتوى فيقول رضي الله عنها:
( ......... إن الذي عليَّ لصديقي إذا وقعت له حكومة ـ يقصد حكما قضائيا ـ أو ...
قال القاضي أبو عبد الله المقري رحمه الله (ت 758هـ) مُوجها المفتين وناصحا لهم: إيّاك ومَفهومات المدونة فقد اختلف النَّاس في القول بمفهوم الكتاب والسنّة، فما ظنّك بكلام النَّاس، إلا أن يكون من باب المساواة أو الأولى، وبالجملة إيَّاك ومفهوم المخالفة في غير كلام صاحب الشَّرع، وما عليك من مفهوم الموافقة فيه، وفي كلام من لا يخفى عنه وجه الخطاب من الأئمة
يقول الإمام محمد المقري تـ 758هـ، رحمه الله: ولما غلب وصف التقليد في الناس جنحوا إلى القال والقيل، إذ لم يسمع منهم إلا ما نقلوه عن غيرهم لا ما رأوه من عند أنفسهم، حتى كان عز الدين بن عبد السلام يقول بالرأي، فإن سئل عن المسألة أفتى فيها بقول الشافعي ويقول لم تسألني عن مذهبي.
يقول القاضي العلاّمة أحمد بن المأمون البلغيثي الفاسي (تـ1348هـ) في كتابه الماتع «الابتهاج بنور السراج» (1/219-220):
«حكم الإعارة للكتب أو غيرها هو الاستحباب، وقد يعرض ما يوجبُها، كإبرةٍ اضطرّ إليها لجائفة، أو كتاب احتيج إليه لاستفادة حكم منه في وقت يفوت العمل به بفوات ذلك الوقت، وتُمنع ممن يُعلم أنه يستعملها فيما لا يجوز...
قال الشيخ العلامة عبد الله ابن الشيخ المحفوظ بن بيَّه، حفظه الله، في كتابه القيّم ((مقاصد المعاملات ومراصد الواقعات)): ((إن مسألة التعلق بالمقاصد كثر فيها الحديث في القديم والحديث، وانقسم فيها الناس إلى طوائف...
قال العلامة: محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي، ت:1376هـ، في كتابه: (الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي)، عند حديثه عن التقليد وأحكامه، تحت فصل: «هل يجوز الخروج عن المذاهب لضرورة أو مصلحة الأمة، وحال القضاء في هذه الأزمان وكيف ينبغي إصلاحه»، قال رحمه الله تعالى ما نصه...
|
|
|
اقرأ أيضا
|
إن الاجتهاد المذهبي بل الاجتهاد من حيث هو درجةٌ مرتبته واسعة تتفاوت بقوة التمكن وضعفه، فالاتصاف بأدنى درجاته يدعيها مدعيها، ومع الاتساع في الحفظ والوقوف على الأدلة والأحاديث ربما يخيل لصاحبه وصول درجة الاجتهاد المطلق، مع كون من فوقه في دقة النظر وقوة التفقه ومعرفة قواعد المذهب ومداركه لا يدعيها؛ لعدم اتساعه في الحفظ ومعرفة الأحاديث فتأمله.
يقول العلامة الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن خالد الناصري السلاوي في كتابه «الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى» في صدد حديثه عن حكم استفاف دخان تابغ: «وفي سنة إحدى وألف أُتِيَ بالفِيَلة من بلاد السودان إلى المنصور ـ أي السلطان أحمد المنصور الذهبي السعدي ـ، وكان يوم دخولها لمراكش يوما مشهوداً، برز لرؤيتها كل من بالمدينة من رجال ونساء وشيوخ وصبيان، ثم حملت إلى فاس في رمضان سنة سبع وألف. قال في "نشر المثاني": كان دخول الفيل إلى فاس يوم الاثنين سادس عشر رمضان سنة سبع وألف، وبعث المنصور مع الفيل إلى ولده المأمون بهدية سنية فيها تحف وأموال عريضة، وخرج أهل فاس في ذلك اليوم للقاء الفيل بنحو مائة ألف نفس.
سأل الفقيه الأستاذ النبيه أبو العباس أحمد بن محمد الطنجي المري رحمه الله أبا الوليد ابن رشد عن شأن الفتوى والمفتي، فقال: «بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على محمد وآله وسلم تسليما (...)
يقول الإمام أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي المالكي (ت684هـ) في الفرق السادس والثلاثون من كتابه الفروق في بيان قاعدة تصرفه صلى الله عليه وسلم بالقضاء، وبين قاعدة تصرفه بالفتوى وهي التبليغ، وبين قاعدة تصرفه بالإمامة: اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم والقاضي الأحكم والمفتي الأعلم، فهو صلى الله عليه وسلم إمام الأئمة، وقاضي القضاة، وعالم العلماء..
 قال الشيخ عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي (ت1091 هـ)، في نوازله الكبرى: قال القرافي: تُحرم الفتوى من الكتب غير المشهورة، حتى يُعلم صحة ما فيها، وتتطاير عليها الخواطر، وكذلك الكتب الحديثة التصنيف.
|
|
|